الحقيقة أن الحديد يعتبر أهم عنصر فلزي عرفه الإنسان لأنه الأكثر استخداماً في الصناعات التطبيقية وهو اليوم رمز المدينة الحديثة التي نلمسها ونشاهدها وندركها أو نسمع عنها وذلك على الرغم من المحاولات المستميتة لإحلال مواد بديلة عنه هذا بالإضافة إلى أنه عنصر حيوي ذو أهمية بالغة بالنسبة للكائنات الحية حيث يعتبر نقصه لديها ممرضاً وربما مميت.
يخوض العالم غمار تنمية شاملة، حيث تنفذ مشاريع منذ بداية الثورة الصناعية حول العالم توصف بأنها ذات بنية بنية تحتية ضخمة تشمل الإسكان والطرق والمواصلات والنقل العام وتمديدات الماء والبترول والغاز وبناء السفن والطائرات والسيارات وغيرها من المعدات والأجهزة، وكل ذلك يحتاج إلى كميات موازية من الحديد. بمختلف أنواعه و رتبه وأصنافه و نسب العناصر المساعدة الأخرى.
إن صناعة الحديد والصلب من الصناعات الهامة وذلك لأنها تقوم بدور حيوي ورئيسي في التنمية الصناعية والإنشائية والاقتصادية للمجتمع ناهيك عن وجود علاقة طردية بين كمية الحديد المستهلك والنمو الاقتصادي في الدولة كما يقاس مدى تقدم الدول اقتصادياً بنصيب الفرد من الحديد وخير دليل على ذلك ان نصيب الفرد من الحديد في الدول المتقدمة يزيد على 750 كجم سنوياً بينما يصل إلى 10 كجم فقط في الدول النامية.
ولا أدل على أهمية الحديد من قوله تعالى: (لقد أرسنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوي عزيز) سورة الحديد الأية 25.
ومن المعروف ان الحديد المصنع أنواع عديدة لكل منها استخداماته الخاصة ومنها :
• الحديد الزهر (حديد الصب) وهو يستخدم في الأدوات التي لا تتعرض للصدمات وذلك مثل أنابيب المياه وأنابيب الغاز و أجزاء الالات والمكائن.
• الحديد اللين أو المطاوع (الفولاذ) يستخدم في الصناعات المنزلية والسيارات والأجهزة الكهربائية كما يستخدم في قضبان التسليح المستخدمة في البناء.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تعتبر صناعة الحديد والصلب من الصناعات التي تفتح فرص عمل جديدة في مجالها وفي المجالات المعتمدة عليها التي تدخل في صناعة كل حاجة من حاجاتنا الأساسية والكمالية اليومية ولذلك يعتبر الحديد أكثر المعادن استخداماً في العالم ولذلك تبلغ نسبة إنتاج الحديد حوالي 95٪ من الإنتاج العالمي للمعادن.
ليس هذا وحسب بل ان الحديد يحتل المركز الرابع من حيث وفرته في القشرة الأرضية على صورة أكاسيد وهو من أكثر العناصر الكيميائية استقراراً على الاطلاق وذلك بسبب توازن القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية القوية داخل نواة الذرة، كما ان الحديد أقوى الفلزات على الاطلاق وأكثرها أهمية للأغراض الهندسية
وعلى الرغم من أهمية الحديد وكثرة تطبيقاته الا ان كمية إنتاج العالم منه لا تتجاوز (1،8) مليار طن سنوياً وتعتبر الصين أكبر منتج له في العالم حيث أنتجت (683) مليون طن في عام 2018 وهذا ما جعل سعره مرتفعاً نسبياً وهذا بدوره من أكبر الحوافز للاستثمار في صناعة ذلك المارد الذي نستورد منه كميات كبيرة جداً للوفاء بمتطلبات التنمية والنشاط العمراني الكبير.
وهذا ما جعل واردات الحديد تتضاعف خلال الأعوام الأخيرة قبل الأزمة في سوريا عام 2011 وذلك على الرغم من وجود أكثر من عشرة مصانع لصهر ودرفلة الحديد المنخفض والمتوسط الكربون والمستخدم أساسا كقضبان تسليح للمنشأت الخرسانية و التي وصلت طاقتها الإنتاجية الإجمالية إلى حوالي1,5مليون طن سنوياً عام 2011
ان الطلب على الحديد محلياً واقليمياً وعالمياً في زيادة مطردة وذلك لأسباب التنيمة وإعادة الاعمار في الدول غير المستقرة والتي قضت الحروب على بنياتها التحتية كما هو الحال في سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها من الدول ناهيك عن ان مظاهر العمران الحديثة المعتمدة على بناء ناطحات سحاب عالية كما هو حاصل في دول الخليج يحتاج إلى كم هائل من حديد التسليح وحيث ان الاستهلاك الاكبر لمادة الحديد في بلدنا سوريا هي حديد التسليح المستخدم في البناء