تهدف هذه الدراسة إلى دراسة مدى نجاح تجربة المصارف السورية الخاصة في مواجهة العقوبات الاقتصادية عليها (تجربة بنك الشام في مواجهة العقوبات الأمريكية المفروضة عليه وتجربة بنك سورية الدولي الإسلامي في مواجهة العقوبات الأوروبية والأمريكية) ومن ثم بيان مدى انعكاس ذلك على أدائها المالي. لتحقيق هدف الدراسة تم إجراء المقابلات المباشرة مع مسؤولين من مصارف المدروسة، ومن ثم بيان انعكاس الإجراءات المتبعة على أدائها وذلك خلال الفترة من 2015 وحتى 2020 بالنسبة لـبنك الشام؛ وخلال الفترة الممتدة بين 2011 و2020 بالنسبة لـ بنك سورية الدولي الإسلامي. خلصت الدراسة بأن بنك الشام قام باتخاذ العديد من الإجراءات في مواجهة العقوبات الامريكية المفروضة ولكنها لم تكن كافية حتى اللحظة لرفع العقوبات المفروضة، إلا أنه قام بسحب غالبية الأموال المجمدة في الخارج بحسب ما هو مسموح به بموجب نظام العقوبات الصادر عن مكتب مراقبة الاصول الاجنبية OFAC، كما وعمد بنك الشام إلى تطوير أعماله بعد فرض العقوبات عليه من خلال إطلاق منتجات وخدمات مصرفية جديدة، وإعادة افتتاح بعض فروعه المغلقة بسبب الاحداث بالإضافة إلى افتتاح فروع جديدة لزيادة التوسع الجغرافي وحصته السوقية، بهدف عدم الاعتماد على الخارج والتوجه نحو السوق المحلي، وحاول بنك الشام فتح بعض الطرق الى الخارج من خلال بيع بعض أسهمه لشركات خارجية، بالإضافة إلى الاستمرار بمحاولة البحث بشكل دوري عن بنوك مراسلة (إسلامية وغير إسلامية) بهدف تسهيل القيام بالتجارة الخارجية. كما أن العقوبات الاقتصادية على كل من بنك الشام وبنك سورية الدولي الإسلامي قد أثرت بشكل إيجابي نوعاً ما، حيث بدأ المصرفان بتحويل الأموال من والى الخارج عن طريق قنوات جديدة كشركات الحوالات العاملة في سورية، تسييرا لعمل زبائنهم الأمر الذي أدى الى رفع رسومه للعديد من الخدمات بشكل يحقق ايرادات مهمة.
لقد عمل البنك سورية الدولي الإسلامي منذ فرض العقوبات عليه إلى اللجوء إلى الحل القضائي بشكل مباشر وأثبت ورقياً أن كل المواد المستوردة والمتعامل بها هي من البضائع والمواد المسموح استيرادها لسوريا والتي لم تصدر أي قرارات بمنع توريدها لسوريا من أي جهة كانت، وأنشأ البنك نظام فلترة عالمياً مشابهاً لما هو مطبق في البنوك العالمية للحوالات الصادرة والواردة وعرضه أمام المحاكم الأميركية والأوروبية ليثبت أنه لم يتم تمرير أي عملية لأشخاص أو جهات واردة في قوائم العقوبات من أي جهة، كما تبين وجود أثر ضعيف للعقوبات المفروضة على بنك الشام على كل من نسبة العائد على مجموع حقوق اصحاب الاستثمار المطلق، نسبة إيرادات ذمم بيوع المؤجلة وأرصدة التمويلات على إجمالي ذمم البيوع المؤجلة والأنشطة التمويلية ونسبة التوظيف (إجمالي ذمم البيوع المؤجلة والانشطة التمويلية الى إجمالي أرصدة الحسابات الجارية للعملاء ومعدل العائد على الاصول، وذات الأثر على كل من ذمم بيوع المؤجلة وأرصدة التمويلات وأرصدة الحسابات الجارية للعملاء .إضافةً الى أن العقوبات على بنك الشام أو المصارف السورية بشكل عام رمزية وأثرها شبه معدوم بسبب الوضع السياسي العام القائم ضمن القطر وما تم فرضه من عقوبات اقتصادية على جميع القطاعات، بالإضافة إلى عدم ارتباط هذه المصارف بالأصل بشكل كبير بالنظام المصرفي العالمي وتقتصر أعمال المصارف السورية على العمليات المصرفية الأساسية فقط حتى دون تقديم تسهيلات ائتمانية بشكل كبير.
وقد تم التوصية بالتريث في دفع مصاريف قضائية إضافية بالنسبة لبنك الشام لعدم تحقيق أي تقدم يذكر حتى اللحظة في ملف العقوبات، والاخذ بعين الاعتبار تجربة بنك سورية الدولي الاسلامي، وبالالتفات أكثر إلى بيئة الاستثمار داخل الجمهورية العربية السورية وما يمكن ان تضيفه من ربحية.