تسعى منظمات الأعمال على اختلاف أنماطها وأشكالها إلى تعزيز إنتاجية الموظفين وتحقيق الاستفادة القصوى من أدائهم، ولكن في كثير من الأحيان -وعلى وجه الخصوص العاملين في المنظمات الدولية – لما لهم من دور فاعل في التواصل مع أفراد المجتمع في تقديم الدعم والخدمات، والذين قد يتأثر أداءهم نتيجة لبعض الضغوط الوظيفية.
وقد يُصاب الشخص بحاله من الاحتراق الوظيفي Job Burnout نتيجة لعوامل توتر للموظف مثل عبء الدور وصراع الدور، وهي بدورها تزيد من التزاماته ومسؤولياته الشخصية. وبسبب المستويات العالية من الإثارة التي تحدثها هذه المتطلبات، فإن الموظف يبدأ بالشعور بالإنهاك العاطفي عند التعرض المتكرر لهذه المتطلبات المهمة، فيلجأ إلى فقدان العنصر الإنساني أو الشخصي في التعامل مع المستفيدين كوسيلة للتعامل مع هذه الحالة. بعدها يعتري الفرد شعور بتدني الإنجاز الشخصي، خصوصا عندما يعمل في بيئة لا توفر إلا قدراً محدوداً من التغذية الراجعة والمكافآت لتحقيق الإنجاز في العمل.
وقد يبدأ الاحتراق أولا بتدهور العديد من الاتجاهات الإيجابية ذات الصلة بالعمل، ونتيجة لذلك ينخفض شعور الموظف بالرضا والانغماس الوظيفي، ويزيد الشد العصبي لديه أثناء أدائه للعمل. وبعد ذلك تبدأ نتائج تقويم أداء الموظف في الانخفاض، ثم تظهر بعض الأعراض الجسمية السلبية، ومن ثم يزداد مستوى التسرب الوظيفي، وينخفض مستوى تقدير الذات، وتظهر مؤشرات على تدهور الصحة النفسية، وتسوء نوعية العلاقات الشخصية والاجتماعية، الأمر الذي يؤدي إلى تفكك مجموعات العمل المتلاحمة، وانهيار الدعم الاجتماعي للموظفين.
وفى نهاية المطاف يتدنى الأداء الوظيفي، ولا يجد الموظف أمامه إلا السلوك نحو الانسحاب الوظيفي والذي يحدث عندما ينفصل الموظف من المنظمة سواء نفسياً أو جسدياً، والتي يمكن أن تتخذ تلك السلوكيات العديد من الأشكال غالباً ما تكون مكلفه وضارة وذات تأثير سلبي على نجاح وتقدم المنظمة ومن ثم على قدرتها التنافسية.
وقد جاء هذا البحث ليسلط الضوء على أثر الاحتراق الوظيفي على أداء العاملين ومعدل الدوران الوظيفي في المنظمات الانسانية، للوصول إلى حلول لتحسين الأداء الوظيفي، من جهة، ومن جهة أخرى تقليل مستويات التسرب الوظيفي نتيجة لهذا الاحتراق الوظيفي.