تعد سلسلة التوريد العالمية؛ المسار غير المرئي عادة للتصنيع، والنقل، والخدمات اللوجستية، والتي تمثل شريان أساسي ينقل البضائع والمواد من أماكن إنتاجها إلى أسواق السلع والمنتجات.
لقد تعرضت هذه السلسلة الهامة تاريخياً للعديد من الهزات التي أدت إلى تعطلها، أو توقفها، أو حتى إبطاء مسارها, وذلك بسبب عوامل جغرافية وجيوسياسية كثيرة؛ كان من أهمها في العقود الماضية؛ "الحروب العالمية" التي عصفت في أوروبا، و"التوترات العسكرية والامنية" والتي عصفت في آسيا ومنطقة الشرق الأوسط، ناهيك عن أزمات اقتصادية متتالية...
كما واجهت سلسلة التوريد في الفترة الممتدة بين عامي 2020 – 2022، تحديات جديدة من نوعها كان أهمها أزمة انتشار (وباء كوفيد-19)، والتي بدأت من الصين (والتي تعد ثاني أكبر مورد عالمي), وانتهاءً بكل دول العالم؛ حتى تلك التي لا تملك اقتصاديات عالمية مفتوحة؛ كما في دول العالم المتقدم.
ناهيك عن الأزمة الأوكرانية؛ التي فاقمت بظلها أزمة سلاسل توريد الغاز، والنفط ، و السلع الاستراتيجية؛ كالقمح من تلك المنطقة إلى مناطق العالم.
كما هو معروف فإن (أزمة كوفيد - 19) التي بدأت فعلياً في عام 2020؛ فأبطأت أداء وفعالية سلاسل التوريد العالمية، مع جنوح العديد من المنتجين الناقلين، والموريدن إلى إرسال شحنات؛ ليتم سن ضوابط (خروج، ودخول) من تلك الدول. وضوابط سلامة واضحة ومقننة, لتلك السلاسل.
وبهذا فقد عاشت التجارة العالمية أسوء أيامها مع انخفاض مستوياتها إلى أدنى الأرقام.
فعلى سبيل المثال، و لفهم أوسع لآثار هذه الأزمة, بحلول منتصف عام 2021 حيث أصبحت الموانئ الأمريكية الرئيسة مغمورة بكميات هائلة من البضائع الواردة؛ وكان موظفو المحطة يفتقرون إلى النطاق الترددي لمعالجة الشحنات؛ مما أدى إلى إطالة أوقات الانتظار.
فبدأت سفن الحاويات التوقف خارج الموانئ لأيام، أو أسابيع. وحين انتشر هذا الارتفاع في الداخل؛ كافحت خدمات السكك الحديدية، والشاحنات؛ الحمل المتزايد جنبًا إلى جنب مع نقص العمالة.
كانت صناعة النقل بالشاحنات الأمريكية تعاني فعلياً من نقص في عدد السائقين قبل انتشار الوباء، ومن معدل دوران مرتفع ومن تعويضات منخفضة؛ على الرغم من وجود حاويات شحن كافية للتعامل مع الاحتياجات العالمية، ونظرًا للكمية المحتجزة أثناء النقل، أو الجزء الخاطئ من سلسلة التوريد؛ فقد دخلت الحاويات نقصًا في المعروض.
لم تكن المنظمات الإنسانية بمعزلٍ عن هذه التأثيرات, والتي تقوم بدروها باستخدام سلاسل التوريد العالمية نفسها في استجرار احتياجاتها الللوجستية، والانسانية لمناطق عملياتها المنتشرة في معظم الدول.
إن هذه الأزمة مارست ضغوطاً هائلة على إدارات هذه المنظمات الدولية؛ متمثلة في عدم قدرتها على الإيفاء بشكل كاملٍ للاحتياجات الإنسانية في مناطق عملياتها؛ بسبب نقص المخرون، وطول سلاسل التوريد، بالإضافة إلى ضغوط الميزانية؛ التي كانت نتيجة لارتفاع أسعار السلع؛ ونتيجة لتوقف، وتباطئ هذه السلاسل.