تلعب الطبقة الوسطى في أي مجتمع دورا مهما في الحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فهي مؤشر مهم على سلامة البناء الاجتماعي والاقتصادي في ذلك المجتمع. وإذا ما صورنا تقسيمات المجتمع ضمن هرم اجتماعي فإن الطبقة الوسطى تقع في وسط بنيانه. يهدف البحث إلى دراسة الطبقة الوسطى في سورية وذلك ضمن إطار الجهود النظرية التي سبق وأن بذلت في السعي إلى تعريف الطبقة الوسطى وتحديد مكوناتها وموقعها في الهرم الاجتماعي للمجتمع. ويسعى البحث إلى التعريف بهذه الطبقة وأهميتها في عملية التنمية وتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي.
يركز البحث الحالي على دراسة الطبقة الوسطى، الإطار النظري والتاريخي للمفهوم، تعريف الطبقة الوسطى، تطور الطبقة الوسطى في البلدان العربية في الفترة التي تلت أحداث العقد الثاني من القرن الحالي حيث شهدت بعض الدول العربية موجات تغيير عنيفة للأنظمة الحاكمة بعضها اتسم بالتحول الديمقراطي كحالة تونس والبعض الآخر انتهى إلى أزمة بناء مؤسسات الدولة ذاتها كحالة ليبيا. ويسلط البحث الضوء على سورية كنموذج للدراسة. ويعنى في أخذه سورية كنموذج في تحليل الكيفية التي أدت بها الحرب عليها إلى انكماش الطبقة الوسطى، وذلك بشكل إجابة على تساؤلات البحث.
يصل البحث إلى نتيجة مفادها أن تفعيل دور الطبقة الوسطى وتمكينها وسيلة مهمة لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في سورية. إن أكبر عامل لاستقرار المجتمعات هو مؤشر العدالة بكل أبعادها: العدالة في توزيع الثروة، العدالة في توزيع المعرفة، والعدالة في توزيع السلطة. وهذه الابعاد متداخلة ومتبادلة التأثر والتأثير. كلما ازداد تحقيقها في بنية الدولة، ازداد حجم الطبقة الوسطى. وسيتم توضيح نتائج البحث بشكل أكثر وضوحا في الخاتمة.
ويصل البحث في النهاية إلى مجموعة من التوصيات البحثية. وأهمها أن الطبقة الوسطى اليوم ليست بحاجة إلى إعانات حكومية، بل يجب أن تكون ضمن عملية التنمية كشريك فيها أي يجب تمكينها، فالإنسان محور عملية التنمية ولا نمو اقتصادي ينعكس إيجاباً على الإنسان ما لم يكن هذا الأخير محور الاهتمام وغايته.