يهدف البحث إلى إلقاء الضّوء على الجوانب المختلفة لأسلوب إعادة هندسة العمليّات الإداريّة من حيث المفهوم، وآليّة التّطبيق والمزايا الّتي تحقّقها، وبيان مدى الأهمّيّة والحاجة لإعادة هندسة عمليّة ترخيص مستحضر دوائيّ مُصنّع محلّيّاً، كما قدّمت نموذج مُقتَرَح لتطبيق أسلوب إعادة هندسة العمليّات كأحد مداخل تحسين الخدمة المُقدَّمة) ورفع كفاءتها وتحقيق الجودة الشّاملة.
وقد اتّبعت الباحثة المنهج الوصفيّ التّحليليّ لوصف وبيان واقع عمليّة ترخيص مستحضر دوائيّ مُصنّع محلّيّاً واستخلاص عدداً من مؤشّرات أداء العمليّة (عدد الأنشطة، الزّمن الوسطيّ، عدد زيارات الزّبون، عدد الأوراق المستخدمة، عدد الموظّفين المشاركين، عدد ساعات العمل الفعليّ، التّكلفة)، حيث تمّ جمع البيانات بالاعتماد على الملاحظات والخبرات العمليّة للباحثة في مكان عملها كونها تعمل رئيسةً لدائرة ترخيص الأدوية المحلّيّة، ومن خلال الاطّلاع على الدّليل الاسترشاديّ والقرارات والتّعاميم النّاظمة لهذه العمليّة، تمّ تحليل هذه العمليّة وصفيّاً واستنتاج الإشكاليّات ونقاط الضّعف فيها الّتي تحتاج إلى تطبيق إعادة الهندسة، وعليه تمّ اقتراح نموذج لإعادة هندسة هذه العمليّة بما يضمن تحسين الأداء من تقليل زمن العمليّة وتكلفتها وتقليل الرّوتين وتبسيط الإجراءات، وتمّت مقارنة مؤشّرات أداء العمليّة قبل وبعد النّموذج المقترح لإعادة هندستها، وتوصّلت الباحثة إلى عدّة نتائج أهمّها أنّ العمليّة بحاجة إلى إعادة هندسة ونقلة نوعيّة من مرحلة العمل الرّوتينيّ إلى مرحلة جديدة ديناميكيّة نظراً لوجود العديد من نقاط الضّعف والرّوتين والنشاطات التي ليس لها قيمة مضافة وغياب الأرشفة الالكترونيّة بالإضافة لمشاكل تتعلّق بالتّشريعات والقوانين وعدم كفاية الكادر البشريّ مع ضغط العمل حيث أنّ حجم العمل في دائرة ترخيص الأدوية المحلّيّة كبير جداً ومتزايد بشكل مستمر، كما توصّلت الدّراسة بعد اقتراح نموذج لإعادة هندسة هذه العمليّة إلى وجود تحسّن كبير في مؤشّرات أداء العمليّة حيث انخفضت التكلفة بنسبة 58.5%، كما تناقص الزّمن الوسطيّ للعمليّة بنسبة 48%، وانخفض عدد الموظّفين المشاركين في العمليّة بنسبة 33.3%، وانخفضت ساعات العمل الفعليّة بنسبة 58.3%، وانخفض عدد الأنشطة بنسبة 85.7%، كما انخفضت عدد مرّات زيارات الزّبون بنسبة 75%، وأخيراً أوصت الدّراسة بإقناع السّلطات العليا في وزارة الصّحّة السّوريّة بضرورة إعادة هندسة هذه العمليّة من أجل تحسين الأداء، وإدراج خدمة التّرخيص ضمن مهام مركز خدمة المواطن التّخصّصيّ، بالإضافة إلى وضع متطلّبات تطبيق النّموذج المقترح لإعادة الهندسة حيّز التّنفيذ عبر تشكيل لجنة مهمّتها متابعة ذلك، كما أوصت بضرورة المحافظة على الكفاءات والخبرات من الصّيادلة ومنع تسرّبها عن طريق تخصيصهم بالحوافز والمكافآت التي تضمن استمراريّتهم من أجل الارتقاء بجودة هذه الخدمة التي تنعكس على جودة المستحضرات الدّوائيّة.