اهتمّت الجمهوريّة العربيّة السّوريّة بالقطاع الصّحّي وتحسين مستواه بشكل دائم، وشيّدت المشافي ومراكز الرّعاية الصّحّيّة على امتداد أراضيها، وعلى الرّغم من الأزمة الممتدّة لأكثر من 11 سنة قامت بالإبقاء على مجانيّة الخدمات الصّحّيّة ضمن المنشآت الحكوميّة قدر الإمكان. ولكن مع تداعيات الأزمة الرّاهنة من عقوبات اقتصاديّة مفروضة ساهمت بغلاء المعيشة، وتضاؤل الموارد البشريّة والمادّيّة أصبح من الواجب إعادة هيكلة وتنظيم وضبط النّفقات الصّحّيّة لتلبية الاحتياجات من الخدمات الصّحّيّة مرتفعة التّكاليف فيما يخدم مصلحة الجميع.
تناول هذا البحث قطاع التّأمين الصّحّي في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة والإشكاليّات الّتي حالت دون أن يحقّق أهدافه وأدّت إلى تهميشه وعدم تمكّنه من رسم صورة ذهنيّة سليمة في عقليّة المواطن السّوري، من إشكاليّات تشغيليّة وماليّة وعدم كفاية التّغطية التّأمينيّة وسوء الاستخدام وضعف أنظمة الرقابة والمحاسبة وصولاً لمقترحات هادفة لتحسين الوضع الرّاهن منها تحقيق الدّعم المالي والتّمويل الذّاتي لقطاع التّأمين الصّحّي عن طريق الاستثمار بأموال التّأمين، وإنشاء السّجل الصّحّي الالكتروني الّذي سيحلّ الكثير من الإشكاليّات التّشغيليّة والماليّة وسيرفع من مستوى الرّقابة في عمليّات التّأمين الصّحّي المعقّدة ويعزّز الثّقة بالتّأمين من لكافة أطراف العلاقة التّأمينيّة من جهة والمواطنين السّوريّين من جهة أخرى.