تكمن أهمية دور القادة ومسؤوليتهم في نجاح أو فشل المنظمات واستمراريتها، في قدرتهم على توفير البيئة الصحية للعمل والعاملين، فإن ضبط جهود الأفراد وتنظيمها يحتاج إلى من يستطع أن يوجه هذه الطاقات إلى إنجاز مهام عظمى، ويهيئ لها الظروف الأمثل. إن جزءاً مهماً من هذه البيئة، يقوم على مشاعر وأحاسيس العاملين، ومدى تحملهن لأعباء وضغوط العمل، وخاصة الإجهاد، الذي ينعكس على الأبدان والأنفس. وقد أشارت العديد من الدراسات والأدبيات في السابق إلى افتراض أن مستوى إجهاد الموظف قد يكون مرتبطاً بأسلوب القيادة الإدارية. ومن ضمن هذه الدراسات، بعض المواضيع التي أجريت حول كل من أساليب القيادة التحويلية والإجرائية وضغوطات العمل في مؤسسات القطاع الصحي. لقد شهد القطاع الصحي حول العالم، أزمة فايروس كورونا، والذي ولد ضغوطات كبيرة في السنتين الماضيتين، أدت في بعض المراحل إلى انهيارات للمؤسسات والأفراد على حد سواء في مواجهة الأزمة الحاصلة.
وهنا يأتي دور هذه الدراسة للوقوف على واقع ضغط العمل المدرك في القطاع الصحي في سوريا، والذي لم يتناول في المواضيع البحثية سابقاً، ولم تدرس أنماط القيادة السائدة فيه خلال عقدٍ من الزمن على الأقل، مع وضع أهمية هذا الأمر في مساعدة أفراد الطواقم الطبية والعاملين في المجال الصحي، بغرض تخفيف الضغوطات عنهم، ومعرفة أساليب القيادة الأكثر إيجابيةً في التأثير لاعتمادها لاحقاً.
في ضوء أهداف البحث والفرضيات التي تسعى الباحثة إلى اختبارها فقد تم استخدم المنهج الوصفي التحليلي الذي يعبر عن الظاهرة المراد دارستها تعبيراً كمياً وكيفياً، وتم تصميم استبيان بغرض جمع البيانات اللازمة، ومن ثم تم تحليل هذه البيانات باستخدام برنامج الحزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية SPSS.
توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج كان من أهمها:
لم تتوصل الدراسة إلى وجود ارتباط أو تأثير بين متغيرات التأثير المثالي والاستثارة الفكرية والاعتبارات الفردية وضغوطات العمل عند دراسة نمطي القيادة في القطاع الصحي السورية.
توصلت الدراسة إلى وجود علاقة ارتباط بين أبعاد الإدارة بالاستثناء والمكافأة المشروطة في القيادة الإجرائية والحافز الإلهامي من القيادة التحويلية وضغوطات العمل المدركة، هذه العلاقة طردية بالنسبة لأسلوب الإدارة بالاستثناء والحافز الإلهامي، وعكسية بالنسبة لأسلوب المكافأة المشروطة.
كما أوصت الباحثة الإداريين في القطاع الصحي والباحثين بعدد من التوصيات من أهمها ما يلي:
- تجنب الإفراط في استخدام أسلوب الإدارة بالاستثناء، حيث لا يمكن للأطباء المشرفين عدم التدخل للحيلولة دون وقوع الأخطاء ولو كانت بسيطة، حيث لا يوجد حقيقة أخطاء بسيطة فيما يتعلق بسلامة وصحة المرضى، إلا أنه من الممكن ألا يتخذ القادة إجراءات صارمة بحق المرؤوسين في حال وقوع الأخطاء، وعدم تهديدهم بها.
- القيام بدراسات معمقة في طبيعة ومصادر ضغوطات العمل، بما فيها عوامل الاستقرار المادي، والوظيفي، والأسري، وامتدادات آثار ضغوطات العمل وتبعياتها العامة على حياة الأفراد.