في العديد من دول العالم يتم تمويل مشروعات البنية التحتية حكومياً، ويرجع ذلك إلى الخبرة الطويلة لدى الحكومات فيما يتعلق بالخدمات ولتعدد المصادر الممكنة للتمويل، مما أدى لزيادة أعباء الحكومة وعدم قدرتها على تحمل هذه الأعباء وتوفير التمويل اللازم، مما أدى إلى التفكير في إيجاد وسائل بديلة لتوفير التمويل اللازم والمشاركة لهذه المشاريع، واتاحة الفرص أمام القطاع الخاص لتوفير هذه الخدمات عبر المشاركة في المشاريع بقطاعات متعددة، وعليه نتج عن ذلك مبدأ التشاركية بين القطاعين العام والخاص وفق عدة صيغ وأساليب تتسم في مجملها بتحمل المستثمر بالجزء الأكبر من مخاطر المشروع وتمارس فيه الإدارة الحكومية قدراً أقل من السلطة.
إن المشاريع الاستثمارية هي أحد أهم سبل التنمية الاقتصادية، ولذا فإنه من المنطقي قبل اتخاذ أي قرار استثماري وصيغته من ناحية التشاركية تحديد مدى صلاحية هذا المشروع، وبيان مدى جدوى تنفيذه بشكل ذاتي من قبل الحكومة أو اللجوء لأحد أشكال التشاركية، ويتم ذلك عبر عدة مراحل قبل طرح المشروع للتشاركية، عبر دراسات تفصيلية إدارية وقانونية وتسويقية وفنية وبيئية ومالية وتحليل للمنافع، حيث تعتبر هذه الدراسات أداة هامة بالنسبة لأصحاب القرار لبيان إمكانية نجاح المشروع وفق مبدأ التشاركية. ويتطلب إعداد سيناريوهات متعددة وفق التغيرات الحاصلة على متغيرات الدراسة.
تتناول هذه الدراسة طبيعة عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص في سورية، وقد استهدفت بشكل محدد المراحل والخطوات اللازمة لطرح المشاريع وفق مبدأ التشاركية، والصيغ الرئيسية لعقود التشاركية وآلية تقييم مشاريع التشاركية والمؤشرات الرئيسية التي يجب مراعاتها قبل طرح المشروع ضمن قائمة مشاريع التشاركية وآلية اختيار شركة المشروع لتحقيق أكير منفعة لكافة الأطراف في عقود التشاركية.
كما تم تطبيق ثلاث حالات عملية لمشاريع من قطاعات مختلفة (زراعي- سياحي – صناعي) لبيان الصيغة المثلى لتطبيق التشاركية وفق كل قطاع من وجهة نطر الباحث.