يعتبر التشخيص المالي من أهم الأدوات اللازمة لصياغة الاستراتيجية العامة للمؤسسة، حيث يتوقف عليه فحص البيئة الداخلية للمؤسسة وبالأخص الوظيفة المالية التي تعد من الوظائف الأساسية في المؤسسة، وذلك من خلال جمع المعلومات واكتشاف التهديدات والفرص وتحديد نقطة القوة والضعف بغية معرفة الصحة المالية للمؤسسة، ومن ثم إعداد الوصفة اللازمة لمعالجة الخلل المالي التي تمر به، ورسم معالم الاستراتيجية التي ينبغي على المؤسسة تبنيها في المستقبل، فهو يهدف إلى فحص وتشخيص للسياسات المالية المتبعة من طرف المؤسسة أثناء فترة نشاطها (مدة حياة المؤسسة). ومن هنا ظهرت أهمية هذا البحث، التعرف على سلوكية المصرف ومقارنته مع البنوك الأخرى ضمن الشقين المالي والاستراتيجي ومن خلالها سيتم تعرف على نقاط القوة والضعف ومدى الربحية او خسارة البنك عبر السنين السابقة وكيفية اختيار الاستراتيجية المناسبة لكل فترة، ومن هنا أثيرت التساؤلات، كيف قام بنك بيبلوس بالتوزيع والترويج لمنتجاته، وماهي السياسات التنافسية والتوسعية التي قام بها البنك؟ كيف واجه المصرف الفرص والتحديات، وما هي تأثيرات قرارات مصرف سورية المركزي على استراتيجيات البنك؟ كيف إثر انتشار فيروس كورونا على سياسات المصرف التوسعية والتنافسية والترويجية؟ هل أثرت تقلبات اسعار الصرف على استراتيجيات البنك، وماهي التعديلات التي قامت بها المؤسسة الأم للتغلب والتكيف مع تلك التغيرات. وعند الإجابة على هذه التساؤلات سيحقق البحث مجموعة من الأهداف الى تعرف على سلوكية بنك بيبلوس سورية خلال ثلاث مراحل: ما بعد مرحلة التأسيس ولغاية 2011 وفترة الازمة السورية ولغاية نهاية العام 2018 وفترة انتشار فيروس كورونا ومدى تأثيره.
ولقد استخدم الباحث التحليل القوائم المالية بما يخص الشق المالي اما بالنسبة للشق الاستراتيجي فقد اعتمد المنهج الوصفي التحليلي بالاعتماد على المقابلات التي أجراها مع مجموعة من الإداريين في بنك بيبلوس. ولخصت الى مجموعة من النتائج أهمها كفاءة المصارف الخاصة في سورية في إدارة أصولها وتدني الخسارة في قيمة الأصول مما انعكس إيجابياً على الأداء المالي للمصارف، مع وجود اختلاف في ترتيب المصارف وفق جودة الأصول. في مقارنة المصرف مع باقي المصارف تبين انه رغم كل الظروف التي اثرت على المصرف اما داخلية او خارجية إلا أنه منافساً قوياُ وحافظ على استقرار محفظته التي تراوحت بين المرتبة الثانية والثالثة كما تبين انه من المصارف التي تحقق عائدات أرباح. معظم محفظة بنك بيبلوس هي القروض التجارية مع ان عدد القطاع الشركات في سورية ليس كبيرا الا ان المصرف كان يحقق عائدات ويشكل منافس جيدا مع باقي المصارف التي تستهدف القطاع بأكمله وتميز بنك بيبلوس عن غيره في استهدافه قطاع الشركات وتميز عند زبائنه. يتبع المصرف سلوكية المؤسسة الام كما ان استراتيجيته منبثقة منه، ويلجأ لها عند أي قرار متخذ من وجهة نظر الباحث هذه سياسة جيدة تدل على الولاء المصرف لأسس المؤسسة الام. عدم تنوع بالمحفظة انعكس على عدد فروعه المحدودة وانه مشهور لدى الشركات أكثر من الأفراد على العكس بنك بيبلوس لبنان (المؤسسة الأم) عدد فروعه أكثر بكثير. ان سياسة التحوط لدى المصرف تحد من قدرته على تطور ونمو ولن تزول الا بزول تقلبات الوضع الاقتصادي في سوريا كما هو تأثيرها على كامل القطاع. بما ان الحسابات المصرف مقومة على سعر الصرف أدى انتشار جائحة كورونا لتقلبات في سوق رأس المال وتدهور نوعية الائتمان للموجودات المالية وتصاعد التحديات المتعلقة بإدارة السيولة وكان السبب الرئيسي لارتفاع معدل نسب القوائم المصرف ارتفاع سعر الصرف ل 187% خلال العام 2020.
وبنهاية هذا البحث قام الباحث مجموعة من التوصيات من أجل المساهمة بتطوير أداء المصرف، منها ضرورة تطبيق النظام المصرفي الجديد فيما يخص البيئة التكنولوجية والمعلوماتية، إعادة بناء الكفاءات البشرية والمحافظة على الحاليين وخاصة ذوي الكفاءات وخبرات التي هي أسس عمل المصرف، وضع خطة ودراسة مالية للمصرف لإمكانية إعادة فتح الفروع جديدة للمصرف، ضرورة التخفيض من الأعباء المصاريف التشغيلية للمصرف.